الأربعاء، 4 يونيو 2014

أحلامُ فتاة الصندوق








حين فقدت أبي شعرت ان هذه آخر محطات حياتي.

بعد فقده، لم أعد أحزن على فراق احد، تشابهت التواريخ و الشخوص لدي.

كان يشدني المجهول و أُمني النفس بأن عزائي في الرحيل عن أطلال ذكرياتي و ابي بعيدا عن بغداد و شوارعها و ضحكاتنا معاً، بعيدا عن صوته الذي يسري في زوايا المنزل كما يسري في دمي، بعيدا عن اللوحة الجدارية الكبيرة التي تتوسط صالة الجلوس رسمها له صديق في بداية الثمانينيات قبل ان أولد و كنت أصر انه أجمل من اللوحة.

هاجرت، تاركة العراق و منزلي و غرفتي و عشرون عاما خلفي، ما ان حلقت الطائرة فوق سماء بغداد مُتجه الى دبي شعرت ان حياتي ستتوقف عند تلك اللحظة.

بدأت تلفنا الغيوم و بغداد تتلاشى شيئا فشيئا و انا أحدق بآخر معالمها عبر نافذة رحلتي الأولى على طائرة، كان بداخلي خوف أكبر من تجربة السفر بطائرة للمرة الأولى، كنت خائفة من السفر نفسه، و سعيدة به ايضاً.

كنت صغيره جدا على تحمل سياط الفراق و لوعته، صغيرة على التعثر بين حزن و آخر فمصاعب الإغتراب لا تنتهي!

بين عثرة و نهوض أكتسبت ملامحي وجه آخر ... إنه وجه القسوة، الذي نكتسبه جميعا مع كل صدمه، كل خذلان، كل صمت، كل شجاعة لتحمل ذلك كله ثم تجاوزه و المضي قدماً نحو مصاعب أخرى.

حصنت ذاتي بشيء من التجاهل و الكثير من الحذر و الفرح.

فكل تجارب الفراق تلك بأعوامها المتقاربة و تتابعها السريع افقدتني الكثير و منحتني الكثير ايضاً
مع كل تجربة قاسية مررت بها كنت اجاهد لأجتازها وحدي ثم أفعل و أنجح كانت تسلبني عمرا من عمري

نعم ... 

كبرت ...  بموت ابي

كبرت ... بوداع امي

كبرت ... بفراق الوطن

و تعلمت ان لا مكان لأماني الطفولة على أرض الواقع، و أن حياة الفتاة الحالمة في حضن الأهل الآمن، تختلف عن حياتها في مهب الإغتراب.

وضعت أماني الطفولة و أحلامي في صندوق صغير أفتحه وقت حاجتي لأتذكر كيف كنت قبل ثمانِ سنوات من الآن.
و رغم سعادتي بملامحي الجديدة، إلا أنني أفتقد ضعفي أحياناً، افتقد شعور الآمان الذي يمنحه لي وجود الآخر في حياتي لا وجودي فحسب.

جئت انت ...

و في لحظة ثقة، شاركتك احلام فتاة الصندوق ! داعبتَ أمنياتي بعودة الغائبين، بلحظة حنان في حظن وطن! و بأن على الأرض صالات لإستقبال الفرح، لا وداعه فقط.

و سرعان ما وهبتني الحياة وداع آخر!

ودعتك ...

و علمت انه لازال أمامي الكثير لأخسره و أحزن على فراقه، فلا زالت الحياة تسلبني كل هباتها. 

و لا زالت ملامح القسوة على وجهي لم تكتمل!

الأحد، 1 يونيو 2014

ظلمنا ابليس! هكذا تقول أنجلينا جولي!




فور نزول فيلم أنجلينا جولي الجديد صالات السينما كنت اول المتهافتين على شراء اولى بطاقات العرض بل اني تفاخرت بحصولي على خامس البطاقات مبيعا يوم عرضه الاول وهو فيلم يستحق المشاهدة فعلا، بحبكة درامية لقصة أعيدت صياغتها بشكل جديد و حله جديدة و لكن اي قصة؟

مالافسنت، المؤذية او الشيطانة! اسم الفيلم والبطلة المطلقة فيه، تؤدي دورها أنجلينا جولي، بعد ان كان اسمه الأميرة النائمة و الأقزام السبع .



هذا الوجه الشرير "مالافسنت اعني" الذي تحمل على مايبدو ظلمنا و ظلم ديزني لأعوام، قررت الشركة انصافه بإعادة صياغة الرواية من وجهة نظر الشيطانة الشريرة!

ليبرر بعد عقود سبب لعنتها للأميرة النائمة و أفعالها الشيطانية ضمن احداث تدور على ارض كأنها الجنة،
لم ترها عين و لم تتخيلها مُخيلة لجمالها و غرابة كائناتها
وتسكنها ايضاً "مالافسنت" اجمل الجان و اكثرهن قوة بل هي سيدة ذاك العالم دون منازع،
بقرني جان و وجه ملائكي و جمال أخاذ تختال به على الجميع و تشعر ان هذا العالم مملكتها، حيث لا احد يفوقها جمالا و قوة و طيبة !

ما يلبث القدر ان يعكر صفو حياتها، ليجلب لها انسان!
يدخل جنتها و يقرر ان يستولي ولو على قطعة صغيرة من كنوز مملكتها المترامية الأطراف.
فتمنعه، و في مشهد درامي سينمائي تقع في حبه!
فيدفعه طمعه و جشعه الى إغواء ملكة الجان مستغلا حبها له، فيقص جناحاها و يسلبها قوتها ليصبح هو السيد!



يزول جمال مالافسنت بالحقد الذي ملأ قلبها و تقرر ان تنتقم بأن تصيب ابنته بلعنة أبدية لا يشفيها الا حب حقيقي!

لكن لحظة، اين تراك قرأت قصة مشابهة؟!

أليست تلك قصة آدم و ابليس و ذرية آدم، التي رمزت اليهم ديزني بـ أورورا ابنة ملك الإنس !
الذين حلت عليهم لعنة ابليس حتى يبعثون؟! لأن أبوهم حرمه من سعادته الأبدية ! ثم لا خلاص من لعنته الا بحب حقيقي
لكن ستفاجئك ديزني مفاجأة اخرى و بمحض الدراما الطفولية البريئة المشوقة،
لم تحيي الأميرة النائمة هذه المرة قبلة من فارس الاحلام!
بل من الشيطانة الأكبر مالافسنت!
و في تلك اللحظة تحديدا يردد خادم الشيطانة هذه الجملة

" لا حب اكبر من هذا"

أذهلني تطابق الروايتين ! مع بعض التغييرات الدرامية كي لا يقع على ديزني لائمة سرقة النصوص من الكتب المقدسة و تحريفها،

كالجميع، خرجت بإعجاب كبير بالفيلم و بخوف اكبر على كل اؤلائك الصغار الذين كانوا يرددون أنجلينا رائعة! أنجلينا ام مالافسنت!
من تكون ؟! الى ما ترمز او الى من؟!

قصة الاميرة النائمة ما عادت بطلتها الأميرة، التي صورت طيبة الانسان لأعوام و كيف ان الشر المتمثل بالشخصية الأسطورية مالافسنت تكالبت الغيرة في قلبها بعد ان علمت ان هناك من هي اجمل منها و افضل على هذه الارض في رمزية الى غرور الشيطان فأغوت الاميرة بتفاحة فحلت عليها لعنة النوم حتى أنقذها الحب!
غابت عن القصة التفاحة، و طيبة الانسان، و أصبحت بطلتها الشريرة لا الأميرة.

و سرعان ما أعلنت دزني ان الفيلم تحول الى لعبة على اجهزة البلاي ستيشن !!! قبل ان تقرر دور السينما هل نجح الفيلم ام فشل!!! و ان أسعار اللعبة و بمحض صدفة ديزني و أنجلينا جولي ايضا ستكون في متناول الجميع كي يتسنى لكل اطفال العالم ان يتشاركوا قصة الشيطانة البريئة!!!


قد يتهمني البعض بالمبالغة، لكن للأسف لم اجد في الفيلم و انا الشغوفة بالأفلام و السينما اي رسائل غير ان الانسان كان أصل الشر
و الخير في ان نحب من صورته الأساطير القديمة "بحسب الفيلم" على انه الشرير !
او من صورته الأديان لنا كذلك! و حين يرضى عنا الشرير سيقبلنا قبلة أبدية لا حزن بعدها بعد ان ينتصر بمساعدتنا على أبونا الذي جاء بنا الى هذه الحياة!
فنعيد له جناحاه و قوته و جماله و هو من سيجعلنا ملوكا على جنته! هكذا تقول رواية الاميرة النائمة بحلتها الجديدة.