الخميس، 1 مايو 2014

قطةٌ على الطريق ... رجلٌ في العراق ... طفلٌ في سوريا !



احب الحيوانات، افضل مصاحبتهم في وحدتي، اكثر من اي شخص اخر، هم اصدقاء رائعون، و أبرياء جداً  لاحول لهم و لاقوة، في هذه المدن الكبيرة الزاهية لنا فقط!
اشعر اننا ظلمناهم بتطورنا وتكنلوجيتنا الفاخرة!
عشرات القطط والطيور اجدها مطبوعة على الشوارع كالملصقات كل يوم بعد ان دهستها عجلات سيارة و مضت كأنهم لاشيء ... لا أحد...  

يذكرونني بأطفال سوريا، الذين تطحنهم آليات الاقتتال وهم لا يعلمون سببه و لا يريدون ان يعلموه فهو أقبح من مخيلتهم البريئة التي لا تتسع للجرائم و لا تستوعبها!!

تلك الكائنات الصغيرة الضعيفة (الحيوانات اعني، لا اطفال سوريا !!! ) أرواح تتنفس، خلقها الله لسبب مثلي و مثلك.

أمس و أنا في طريق العودة الى المنزل كان يلوح في الشارع شيء صغير جداً جلس من خوفه وسط الطريق لا يدري ما يفعل و قد تقطعت به السبل حتى أوصلته شارعاً تصل سرعة السيارات فيه الى 120 كم في الساعة!
أوقفت السيارة فتحت الإشارات ... ربما عرضت حياتي للخطر، لكن تلك القطة الصغيرة ذكرتني بطفل صغير وسط براميل النظام السوري و آليات الجيش الحر و رصاص داعش و قذائف النصرة  و قد تقتله احداها في اي لحظة!
لا أستطيع إنقاذه فربما أنقذ قطة صغيرة بريئة مثله ... ذكرتني به!

فكلاهما روح ليس لديها الوعي و القدرة لتحتمي من اشياء لا تدري ما هي اساساً؟! 
كل ذنبها أنها وجدت في المكان و التوقيت الخطأ، او الصحيح جداً لتنتهي أنفاسها عند هذا الحد!!!

ركضت نحوها لإنقاذها لكن احد السيارات كانت أسرع من نواياي الطيبة!!!
دهَسَتها بسرعة جنونية جعلت القطة الصغيرة تحلق عالياً فوق السيارة، لترتطم بأخرى تلتها حتى لم يبقى منها شيء فقد تناثرت أشلائها بين العجلات!

صرخت بغضب "أعمى" قصدت السائق ! عدت لسيارتي حزينة ألوم نفسي اني اخذت وقتاً افكر أ أنقذها ام لا؟

تذكرت حادثة وقعت عام 2006 حيث كان العراق يموج بالعنف الطائفي، كنا ننام ليلاً في حديقة المنزل بسبب انقطاع التيار الكهربائي، أملاً ببعض عليل النسائم.
في ليلة السابع من نيسان تلك السنة، سمعت رجلاً يصرخ بنبرة ملئها الخوف، كأطفال سوريا!!كتلك القطة الصغيرة ساعدوني!!!!
كان يصرخ بأعلى صوته لكن صوته بعيد متقطع ، الجميع كان نائم،
شيء ما منعني ان اوقض ابي، ربما خوفي عليه!
تابعت صراخ الرجل، متخيلة كل الحوادث التي قد تصيب رجلا يطلب المساعدة في مجتمع عرف فيه بصلابة القلب، فلا تسمع منه صرخات النجدة الا حين تعرضه لخطر حقيقي!
بعد دقائق...
هدأ الصراخ ... و هدأت انا الأخرى ممنيةً النفس بأنه قد وجد المساعدة !
صبيحة صرخة النجدة،
أغلَقَتْ سيارات الشرطة مداخل الشارع المجاور لمنطقتنا!
رجال أمن برتب مختلفة و جموع تجمهروا حول المداخل المغلقة.
كنت في طريقي الى الجامعة... اقتربت... يلف خطواتي الخوف من أحد المتجمهرين وهو ينزل الدعوات الثقال "في الي كان السبب"

بتردد، سألت ... "شكو؟!!!!!! "

اجاب؛
رجل مسكين قتلته امس جماعة مسلحة و سرقوا سيارته! 

لم اسمع ما تلى تلك الكلمات فقد تعالت صرخات الرجل في رأسي ...
 
ساعدوني!

شعرت اني كنت السبب في موته، لأني لم اقدم له اي مساعدة وهو يستنجد بي و بغيري للننقذ حياته.
امس...
ذكرتني به تلك القطة الصغيرة، التي حاولت إنقاذها ربما تكفيراً مني على ذاك الذنب!!! احاول مواساة نفسي بإنقاذ روح أخرى تستنجد و إن كانت روح قط صغير، فأضفت الى صرخاته استصراخها وشهدت موتها بأم عيني لا بأذني فقط!!
علمت، امس ان نوايانا الطيبة لا تكفي لإنقاذ الاخرين، و أن الحزن على استصراخ بالنجدة لن ينقذ المستصرخ! كحزننا على أولائك الصغار وهم يسقطون طفل بعد اخر فيما نحن نحتظن فلذات اكبادنا و ننعت القتلة بالمجرمين عبر شاشات التلفزة و على مواقع التواصل بكل ما نملك من ضمير!
علمت ان روحاً سَمِعتُ اخر صرخاتها في الحياة كأن الكون خلى الا من صرخاتها و مني، ستبقى عالقة في ذهني كلما تعرض احدهم لخطر، و أن الاف الناس ممن تهدر أرواحهم سيبقى استصراخهم حي فينا و إن رحلوا، يذكرنا بأن الموت الحقيقي هو ما نحن عليه الان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق