الجمعة، 27 ديسمبر 2013

الإسلام هو السبب !!!

كنت أشاهد النقل الحي لعمليات الجيش العراقي على مواقع داعش و النصرة في وادي حوران غربي العراق، و الـ مداهمات الواقعية البعيدة عن المشاهد الهوليودية، لكنها أكثر حبكة، و أشد رعباً، مجاميع من الشباب في مقتبل الحياة أعمارهم لا تتجاوز الـ ٢٥ ربيعا يقتادون مكبلين ليواجهوا احكام بالإعدام استحقوها بعد ان تبنوا فكر متطرف استحل دماء الجميع، بدم بارد جدا.

و تسائلت كيف استدرج فكر كهذا شاب بهذا العمر؟ كيف اصبح طموح احدهم حياة العراء، مطارد دوليا، اقل ما يقال عنه مجرم ؟؟!! كيف أصبحت مجتمعاتنا محرقة لطموح شبابها و حاضنة  لتلك التهمة التي التصقت بنا الإرهاب الذي وجد في تلك المجتمعات هدف، يخدمه في ذلك نقاط ضعفها

الفقر، الجهل و البطالة ناهيك عن دكتاتورية الأنظمة و سخط الشعوب و القمع الممارس ضد الحريات.

فمن السهل ان يصبح شاب مسلم خالي الوفاظ، عاطل عن العمل، هجر الثقافة و هجرته، يعاني الفقر و الكبت، لا يعرف عن دينه الكثير، لقمة سائغة في فم مروج لفكر متطرف يمنحه الشعور بأن لديه لأول مرة قضية ضد نظام هو ساخط عليه بالأصل، و سيوفر له بالمقابل المال الذي ينقصه او القليل منه على اقل تقدير، سيجعل له -أخيرا- كلمة مسموعة على جهلة آخرين بعد ان يؤمره عليهم مقابل ان يقتل مجموعة يصورها الفكر الجديد كعدو يجب القضاء عليها و محاربتها، سيمنحه السلطة ذاك الشعور الذي عاش تحت وطئة كرهه طوال حياته، و يمارسه الان كردة فعل طبيعية لثقافة الدكتاتور والسلطة الواحدة التي تربى عليها كأي عربي يكرهها ان مورست ضده، ويقع عبدا لضَلالِها ان مارسها ضد الآخرين، و إن مات او قتل فسيحظى بالشهادة و غداء جماعي مع النبي و الصحابة و ميزات اخرى لا حصر لها و لا عد تنطلي على شخص مستعد ان يكون اي شيء الا مو هو عليه الان.


لا ننسى ان تلك اللقمة السائغة ما كانت لتكون لو ان لديها وظيفة ، و تعيش حياة كريمة، تمارس ما تؤمن به من معتقدات بعيدا عن القمع، يتعايش معها المجتمع كجزء فاعل لا تعاني تهميشا او إقصاء.

لكن الواقع يقول انه، من منطلق فقد ما سبق، تشابهت سيناريوهات اختراق الإرهاب لمجتمعاتنا، فهو سيبحث بمجهر دقيق عن الشريحة الأضعف، و يكون عرابا حانيا لأفكار تبدو بادئ الامر قريبة جدا من الإسلام الذي عرفناه و تربينا عليه، ثم تبدأ عمليات غسيل الأدمغة بالكراهية ، فكيف سيحرض احدهم على القتل ان لم يصور له عدو يهدد حياته ووجوده و كيانه و ملته و فكره و ثقافته، هو يعلم ان هناك ارتباط وثيق بين العربي و دينه لذا تنكر بعباءة الإسلام ليصدر حلم الدولة الإسلامية، جاء بمسميات رنانة كالخلافة الإسلامية و أمير المؤمنين، بحث في اكثر حقب العرب زهوا

 (عهد الخلافة الإسلامية) ، و انطلق منها بـ المسميات فقط، لكن بدين جديد لا يشبه الإسلام في شيء، بل هو موجه ضد الإسلام و المسلمين تحديدا، ليجعل الأصوات ترتفع بالتخلص من تجارب الحكم الإسلاموي الحاضرة المريرة و ننطلق جميعا و -بقلوب راضية- الى حكم اخر ينادي بالمدنية و التحظر و تقبل الاخر، كإن الإسلام الحقيقي الذي حرر العقول من الجهل و كانت اول كلمة نزلت على نبيه إقرأ، حجر عثرة يقف ضد كل ذلك. الإرهاب انتصر على الجبهتين، جَنّد أتابعه و جند أعداء اتباعه ، وعدوه الحقيقي واحد، (نحن).

أما المحزن حقاً، ان ابشع الجرائم ان ارتكبت من أشخاص غير مسلمين يكتفي العالم ان يشير اليهم بالبنان كقتلة تصرفوا تصرفا فرديا لا يمت الى المجتمع الذي ينتمون اليه بصلة وهم في أسوأ الأحوال مرضى نفسيين يظهرون في اي مجتمع، لكن الأمر مختلف تماماً ان كان القاتل مسلم، هنا هو ليس قاتل وتلك الجريمة ليست فعلا فرديا بل انه إرهابي يدفعه دينه الى فعل ذلك، هذا ما خلقه الفكر الإسلامي المتطرف، جعلنا جميعا مجرمين، فقط لأننا مسلمون.

الإرهاب عرّى ممارساتنا الخاطئة بعد احتظنها جميعها بفكر واحد، نحن ننبذ التطرف لكننا نتبادل (تهم) اختلاف الفكر، يقصي احدنا الاخر، نمارس الدكتاتورية بأبشع صورها،

فهل يكفي ان نبعد تهمة (الإسلام) عنا كي نكون دعاة للسلام و الحرية الطامحين الى خلق المجتمعات المتمدنة،

هل حلولنا لمستقبل أفضل هي فصل الإسلام عن السلطة، فقط؟ نعم تجارب الحكم بإسم الإسلام في أحسن أحوالها فاشلة و حولنا أمثلة من بلدان جارة أو شقيقة، نعيشها كل يوم، بل انهم من اكثر الدول المصدرة للشباب المستعدين لتقبل فكرة (الإرهاب) بصدر رحب ما جعل البعض يتصور ان الإسلام هو السبب.

و تجربة الاخوان دليل واضح على فشل فكرة تقليص الإسلام كطريق معبدة، يجثم بها الحاكم على صدورنا بحجة تطبيق الشريعة التي لا يعرف منها إلا ضرورة إتباع ولاة الأمر و طاعتهم، ويقلص بذلك رسالة سماوية بأهداف دنيوية بحتة سيكفرني ان اختلفت معه في اي منها لاحقا، وهذا وجه من أوجه الإرهاب الذي ارفض انا و غيري بطبيعة الحال ان يمارس ضدنا، لكنه وجه -عربي- مورس ضدي سواء كانت تلك السلطة تتبرقع بالإسلام ام بمسميات أخرى.

وهنا اسأل هل الحل فعلا في فصل الإسلام عن السلطة؟ هل المشكلة في الإسلام ام في طريقة ممارستنا له و للسلطة وتداولها ؟

نظام بشار الأسد ليس نظاما إسلاميا رغم انه واحد من أكثر الأنظمة إرهابا على وجه الأرض و دفع بيائسين كثر الى أتون داعش و النصرة للخلاص منه؟!

هل سيتوقف خلق الفكر المتطرف و إنتماء الشباب اليه و القتل و الترهيب بإسمه و تحت ظله، إن غاب الإسلام عنا؟؟!!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق